فصل: 167- زندقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة



.167- زندقة:

1- التعريف:
الزندقة في اللغة: كلمة معربة من اللغة الفارسية، استعملها العرب منذ فترة مبكرة في التاريخ الإسلامي للتعبير عن طائفة من الملاحدة. قال ابن منظور: الزِّنْدِيقُ القائل ببقاء الدهر فارسي معرب وهو بالفارسية زَنْدِ كِرَايْ يقول بدوام بقاء الدهر والزَّنْدَقةُ الضِّيقُ وقيل الزِّنْدِيقُ منه لأَنه ضيّق على نفسه. وقال الفيروزآبادي: الزِنْديقُ، بالكسر: من الثَّنَوِيَّةِ، أو القائلُ بالنُّورِ والظُّلْمَةِ، أو مَن لا يُؤْمِنُ بالآخِرَةِ وبالرُّبوبِيَّةِ، أو مَن يُبْطِنُ الكُفْرَ ويُظْهِرُ الإيمانَ، أو هو مُعَرَّبُ: زَنْ دينِ، أي: دِينِ المَرْأةِ، جمعه: زَنادِقَةٌ أو زَناديقُ، وقد تَزَنْدَقَ، والاسْمُ: الزَّنْدَقَةُ. ورَجُلٌ زِنْديقٌ وزَنْدَقِيٌّ: شَديدُ البُخْلِ.
وفي الاصطلاح: الزندقة عند جمهور الفقهاء إظهار الإسلام وإبطان الكفر، والزنديق هو من يظهر الإسلام ويبطن الكفر.
وعرف ابن قدامة الزنديق بأنه: الذي يظهر الإسلام ويستسر بالكفر, وهو المنافق, كان يسمى في عصر النبي صلى الله عليه وسلم منافقا، ويسمى اليوم زنديقا.
2- حكم الزندقة والزنديق:
اتفق الفقهاء على أن الزندقة كفر، فمن كان مسلما ثم تزندق، بأن صار يبطن الكفر ويظهر الإسلام، أو صار لا يتدين بدين، فإنه يعتبر كافرا، واختلفوا في قبول توبة الزنديق.
قال ابن قدامة بعد أن ذكر أحكام المرتد: (الزنديق كالمرتد فيما ذكرنا. والزنديق هو الذي يظهر الإسلام ويستسر بالكفر، وهو المنافق، كان يسمى في عصر النبي صلى الله عليه وسلم منافقا، ويسمى اليوم زنديقا).
وقال ابن فرحون: (الزنديق والزندقة هي إظهار الإيمان وإبطال الكفر، فمن أسر دينا من الأديان غير الإسلام فإن أتى تائبا قبلت توبته وإن أخذ على دين خفاه قتل ولم يستتب، ونقل ابن عبد السلام عن ابن لبابة: إنه يستتاب كالمرتد وهو مذهب جماعة من العلماء، قال مالك رحمه الله: النفاق في عهد رسول صلى الله عليه وسلم هو الزندقة فينا اليوم، فيقتل الزنديق إذا شهد عليه بها دون استتابة، لأنه لا يظهر ما يستتاب منه).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (تنازع الفقهاء في استتابة الزنديق. فقيل: يستتاب. واستدل من قال ذلك بالمنافقين الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل علانيتهم ويكل أمرهم إلى الله؛ فيقال له: هذا كان في أول الأمر وبعد هذا أنزل الله: {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً} [الأحزاب آية 61] فعلموا أنهم إن أظهروه كما كانوا يظهرونه قتلوا فكتموه.
والزنديق: هو المنافق وإنما يقتله من يقتله إذا ظهر منه أنه يكتم النفاق قالوا: ولا تعلم توبته لأن غاية ما عنده أنه يظهر ما كان يظهر وقد كان يظهر الإيمان وهو منافق; ولو قبلت توبة الزنادقة لم يكن سبيل إلى تقتيلهم والقرآن قد توعدهم بالتقتيل).
قلت: ومن الزنادقة في هذا الزمان العَلْمانيين الذين يحاربون الإسلام باسم الإسلام، بل هم أشد من الزنادقة لأنهم يعملون في خفية تامة.
3- عقوبة الزنديق:
يتضح من سياق كلام العلماء السابق أن الزندقة كفر وردة عن الإسلام، وعلى هذا تكون عقوبة الزندقة كعقوبة الردة. (راجع: مصطلح: ردة).

.حرف السين:

.168- ستر:

1- التعريف:
الستر لغة: تغطية الشيء، وستر الشيء يستره سترا أي أخفاه، وتستر أي تغطى، وفي الحديث: «إن الله حيي ستِّيرٌ يحب الحياء والستر». أي من شأنه وإرادته حب الستر والصون لعباده. ويقال: رجل ستور وستير، أي عفيف. والستر ما يستتر به، والاستتار: الاختفاء، ومنه قوله تعالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ} [فصلت الآية 22] والسترة ما استترت به من شيء كائنا ما كان.
وفي الاصطلاح: الستر التغطية، والستر على المسلم تغطية عيوبه وإخفاء هناته.
2- حكم الستر على مرتكب المعاصي:
أجمع العلماء على أن من اطلع على عيب أو ذنب أو فجور لمؤمن من ذوي الهيئات أو نحوهم ممن لم يعرف بالشر والأذى ولم يشتهر بالفساد، ولم يكن داعيا إليه، كأن يشرب مسكرا أو يزني أو يفجر متخوفا متخفيا غير متهتك ولا مجاهر يندب له أن يستره، ولا يكشفه للعامة أو الخاصة، ولا للحاكم أو غير الحاكم، للأحاديث الكثيرة التي وردت في الحث على ستر عورة المسلم والحذر من تتبع زلاته، ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: «من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة»، وفي رواية: «ستره الله في الدنيا والآخرة»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود». وقوله صلى الله عليه وسلم: «من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته».
ولأن كشف هذه العورات، والعيوب والتحدث بما وقع منه قد يؤدي إلى غيبة محرمة وإشاعة للفاحشة. قال بعض العلماء: اجتهد أن تستر العصاة، فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام، وأولى الأمور ستر العيوب. قال الفضيل بن عياض: المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير.
أما من عرف بالأذى والفساد والمجاهرة بالفسق وعدم المبالاة بما يرتكب، ولا يكترث لما يقال عنه فيندب كشف حاله للناس وإشاعة أمره بينهم حتى يتوقوه ويحذروا شره، بل ترفع قصته إلى ولي الأمر إن لم يخف مفسدة أكبر؛ لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله. فإن اشتد فسقه ولم يرتدع من الناس فيجب أن لا يستر عليه بل يرفع إلى ولي الأمر حتى يؤدبه ويقيم عليه ما يترتب على فساده شرعا من حد أو تعزير ما لم يخش مفسدة أكبر. وهذا كله في ستر معصية وقعت في الماضي وانقضت.
أما المعصية التي رآه عليها وهو متلبس بها فتجب المبادرة بإنكارها ومنعه منها على من قدر على ذلك، فلا يحل تأخيره ولا السكوت عنها، فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم يترتب على ذلك مفسدة أكبر، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان».
قال الإمام النووي رحمه الله: (أما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس هو معروفا بالأذى والفساد، وأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة، لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك المحرمات وجسارة غيره على مثل فعله. وهذا كله في ستر معصية مضت وانقضت، أما معصية رآه عليها وهو بعد متلبس فتجب المبادرة بإنكارها عليه ومنعه منها على من قدر على ذلك فلا يحل تأخيرها، فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم يترتب على ذلك مفسدة).
3- هل الستر عام في جميع المعاصي والأشخاص أم خاص؟:
الستر عام في جميع المعاصي، لعموم الأحاديث والآثار الواردة في ذلك، وقد ذكرنا بعضا من الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، عند الكلام عن حكم الستر، أما الآثار الواردة عن الصحابة فمنها ما رواه عبد الرزاق في مصنفه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنه قال: (لو لم أجد للسارق والزاني وشارب الخمر إلا ثوبي لأحببت أن أستره به). وروى أبو داود عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه أتي برجل، فقيل له: هذا فلان تقطر لحيته خمرا، فقال: (إنا نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به).
وكما أن الستر عام في جميع المعاصي فهو عام كذلك لجميع الناس، ممن لم يشتهروا بالفسق والفساد، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، لأن النصوص لم تفرق بينهما، فلم نجد نصا قال استروا على النساء دون الرجال أو العكس، وبذلك يُعلم أن ما تفعله بعض جهات القبض اليوم من قصر الستر على الجرائم الأخلاقية دون غيرها لا أصل له، وما يقومون به من قصر الستر على النساء دون الرجال، لا أصل له أيضا، ومن فرق فعليه الدليل؛ والمصلحة المزعومة في التوسع في الستر على النساء في القضايا الأخلاقية تعارضها مفاسد أكبر منها ومن هذه المفاسد تمادي النساء في سلوك المسلك السيئ واختلاط الأنساب، وغش المسلمين لأنه ربما يتزوج المسلم بامرأة سيئة الأخلاق وهو لا يعلم بحالها.
4- متي يستحب الستر؟
يكون الستر على مرتكب المعصية مستحباً عندما تظهر علامات الندم والاستحياء على الشخص ويعرف منه صدق ذلك، ويكون في الستر عليه مصلحة راجحة. أما إذا كان مجاهرا غير مبال بما فعل فلا يستحب الستر عليه، بل يستحب رفع أمره إلى ولي الأمر لمعاقبته.
5- ضابط الستر؟:
إذا قبض على الشخص متلبسا بجريمة فإن هذه الجريمة لا تخلو إما أن تكون جريمة حدية، أي يترتب عليها العقوبة بحد شرعي، أو تكون غير حدية، أي لا يترتب عليها المعاقبة بحد؛ فإن كانت حدية فينظر إلى الشخص الذي سيقوم بالستر فإن كان له سلطان يأمر وينهى فلا يجوز له الستر، وقد بيَّنا الكلام عن ذلك في ضابط بلوغ الحدود للسلطان فيرجع إليه في مصطلح: حد. وأما إن كانت الجريمة ليست من جرائم الحدود فالستر مستحب متى ما كان فيه مصلحة مترجحة. وقد سئل سماحة الشيخ/عبد العزيز بن باز رحمه الله: هل هناك فرق بين رئيس مركز هيئة الأمر بالمعروف وبين عضو الهيئة في مسألة الستر وعدم المصلحة؟. فأجاب قائلاً: عضو الهيئة مثل بقية الناس، إذا رأى المنكر يستر إذا ترجحت المصلحة في ذلك. أما الرئيس فالذي يظهر لي أنه مسؤول كالأمير ونحوه، لأن له سلطاناً يأمر وينهى، ففي الحدود لا يستر إذا بلغته، بل يمضيها حتى يُقام الحد على صاحبه، وأما في غير الحدود فينظر إلى المصلحة في ذلك ويستر أو لا يستر بحسبها.

.169- سجل:

1- التعريف:
السِّجِلُّ في اللغة: الكتاب يدون فيه ما يراد حفظه. قال الفيومي: السِّجِلُّ كتاب القاضي والجمع سِجِلَّاتٌ وَأَسْجَلْتُ للرجل إسْجَالاً كتبت له كتاباً وسجَّل القاضي بالتشديد قضى وحكم وأثبت حكمه في السجل.
وفي الاصطلاح: السجل كتاب كبير تضبط فيه وقائع الناس وما يحكم به القاضي وما يكتب عليه. وهذا التعريف عند فقهاء الحنفية، وهو أعم من تعريف فقهاء الحنابلة الذين يعرفون السجل بأنه: ما تضمن الحكم المستند إلى البينة، أو نسخ ما حكم به الحاكم.
2- تنظيم السجلات:
قال في كشاف القناع: (والأولى جعل السجل نسختين؛ نسخة يدفعها، الحاكم إليه أي الطالب لها لتكون وثيقة بحقه، والنسخة الأخرى عنده، أي عند الحاكم ليرجع إلى النسخة التي عنده عند ضياع ما بيد الخصم أو الاختلاف لأن ذلك أحوط).
وفي شرح المجلة: (ومن الموافق تقسيم هذه السجلات إلى أربعة أقسام:
أولها: سجل نصب الوصي. وثانيها: سجل نصب القيم للأوقاف. وثالثها: سجل تقدير النفقات.ورابعها: سجل الإعلامات الحاوية للحكم، إذ أنه إذا قسمت الجهات إلى هذه الأقسام الأربعة يسهل الرجوع إليها لدى الحاجة بخلاف ما إذا خلط الكل فإن في الكشف عنه حينئذ عسرا شديدا).
وفي محاكم المملكة العربية السعودية، يتم تقسيم السجلات بحسم أنواع القضايا، فالقضايا الجنائية لها سجل، والقضايا الحقوقية لها سجل، وهكذا. ونصت المادة الثالثة عشرة من نظام مديرية الأمن العام على: تنظيم سجلات وإضبارات لجميع المعاملات الصادرة والواردة وضبطها بطريقة تضمن الرجوع إليها بسهولة.